آلَمَتني ذاكِرَتي كُلَّما أوَيتُ مضجعي ...
مدَّت لي يداً مُهترئةً مليئةً بالخُطوطِ والتَّجاعيد ...
وصوَّرَت لي ابتِساماتي وضحِكاتي القديمة باهِتة تغزوها لمحة حُزن ...
أذكُرُ بأني وقعتُ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ أرضاً ، وفي كلِّ مرة يدوي صوتُ صراخي عالياً ليغطي المكان ...
كنتُ صغيرةً حينها ولم أتقبَّل الألم بعد ...
كانَت لي قدمٌ معطوبةٌ حينها وأصبحت قدَمان ...
ولكن عندما كبُرتُ قليلاٌ صِرتُ أخجلُ من صراخي كلَّما وقعت ...
بدأتُ أعتاد حشر الصراخِ في صدري والتلوِّي بصمتٍ فقط ...
حتى صار الأمرُ عادة ، لِدرجةِ أني اعتدتُ الألم بعد ذلك ...
لمعَت برأسي فكرةٌ جنونيَّة بأن أقسو على نفسي وأكسِر حاجِز الضعفِ والخوفِ ذاك ...
ونجحتُ حقّاً ...
نجحتُ حتى صِرتُ أشعُر بالقوة تسري داخلي وكأنها مني فِعلاً ...
نسيتُ وقتَها بأني كبُرتُ ولم أخجل من إطلاقِ صيحاتِ وضحِكات الانتصار ...
فعلتُها وأنا التي لم أتجرَّأ القيامَ بشيٍْ يكسِرُ نفسي الجبانة المُستسلِمة ...
كانت ثورتي ضِدَّ مرضي ناجِحة وإلى الآن مازِلتُ أثورُ عليها علَّ أبوابَ السماءِ تُفتَح لي من أجل الخلاص ...
لم ألبث طويلاً في سعادتي الذاتية تلك حتى ثارَ الوطن بأجمعه ...
وكأني نقلتُ له العدوى ، أو لعلَّه شعر بقيمة الانتصار بالحرية بعد العذاب ...
لا يهم كل ذلك ، المهم بأنه أراد أن يتغيَّر هو الآخر من أجل ساكِنيه ...
أراد أن ينتفِض هو الآخر لِلخلاصِ من الضَّعفِ والهوان ...
ولهُ ذلك ...
صحيح أنه تألَّم ونزفَ وصرخَ كثيراً ، وخُذِل أيضاً ...
وصحيحٌ أني نُفيتُ وعادَت قدماي البائستانِ لِعهدِهما القديمِ ولن أُبالِغ إن قلتُ بأهما صارتا أضعف ...
وصحيحٌ بأنَّ بلادَ الغربةِ لم تُقدِّم لي شيئاً بعدُ من أجلِ أن أتعافى ...
ولكني لم أعد أشعرُ بالألم مثلَ ذي قبل ، بل بِألمٍ أكبر وأقسى من ذلك بكثير ...
ألمُ الوطنِ الباكي والبشرِ المُشرَّدين الجائعين وأولئك المُحاصرين بلا ماءٍ ولا غِذاء ولا حياة ...
وأولئكَ الذين فُرِضَ عليهِم استِنشاقُ السمومِ حتى الموت ...
وأولئكَ الصَّابرينَ على معيشتِهم والمقاوِمين بِكلِّ ما أوتوا من حلُم ليصرخوا بوجوه المُتخاذِلين جميعاً ..
" هانحنُ ما زِلنا وسنمضي حتى تًُشرِق شمسُ بلادِنا من جديد ، سنبقى فبِأيدينا سيُبنى الوطن من جديد " ...
تُرى ما حجمُ آلامي جميعاً أمامَ آلامِ هؤلاء ؟...
أراهُ لا شيء أبداً ، ليسَ سِوى نقطةٍ في بحر كبيرٍ واسع المدى ...
#مياس_وليد_عرفه
مدَّت لي يداً مُهترئةً مليئةً بالخُطوطِ والتَّجاعيد ...
وصوَّرَت لي ابتِساماتي وضحِكاتي القديمة باهِتة تغزوها لمحة حُزن ...
أذكُرُ بأني وقعتُ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ أرضاً ، وفي كلِّ مرة يدوي صوتُ صراخي عالياً ليغطي المكان ...
كنتُ صغيرةً حينها ولم أتقبَّل الألم بعد ...
كانَت لي قدمٌ معطوبةٌ حينها وأصبحت قدَمان ...
ولكن عندما كبُرتُ قليلاٌ صِرتُ أخجلُ من صراخي كلَّما وقعت ...
بدأتُ أعتاد حشر الصراخِ في صدري والتلوِّي بصمتٍ فقط ...
حتى صار الأمرُ عادة ، لِدرجةِ أني اعتدتُ الألم بعد ذلك ...
لمعَت برأسي فكرةٌ جنونيَّة بأن أقسو على نفسي وأكسِر حاجِز الضعفِ والخوفِ ذاك ...
ونجحتُ حقّاً ...
نجحتُ حتى صِرتُ أشعُر بالقوة تسري داخلي وكأنها مني فِعلاً ...
نسيتُ وقتَها بأني كبُرتُ ولم أخجل من إطلاقِ صيحاتِ وضحِكات الانتصار ...
فعلتُها وأنا التي لم أتجرَّأ القيامَ بشيٍْ يكسِرُ نفسي الجبانة المُستسلِمة ...
كانت ثورتي ضِدَّ مرضي ناجِحة وإلى الآن مازِلتُ أثورُ عليها علَّ أبوابَ السماءِ تُفتَح لي من أجل الخلاص ...
لم ألبث طويلاً في سعادتي الذاتية تلك حتى ثارَ الوطن بأجمعه ...
وكأني نقلتُ له العدوى ، أو لعلَّه شعر بقيمة الانتصار بالحرية بعد العذاب ...
لا يهم كل ذلك ، المهم بأنه أراد أن يتغيَّر هو الآخر من أجل ساكِنيه ...
أراد أن ينتفِض هو الآخر لِلخلاصِ من الضَّعفِ والهوان ...
ولهُ ذلك ...
صحيح أنه تألَّم ونزفَ وصرخَ كثيراً ، وخُذِل أيضاً ...
وصحيحٌ أني نُفيتُ وعادَت قدماي البائستانِ لِعهدِهما القديمِ ولن أُبالِغ إن قلتُ بأهما صارتا أضعف ...
وصحيحٌ بأنَّ بلادَ الغربةِ لم تُقدِّم لي شيئاً بعدُ من أجلِ أن أتعافى ...
ولكني لم أعد أشعرُ بالألم مثلَ ذي قبل ، بل بِألمٍ أكبر وأقسى من ذلك بكثير ...
ألمُ الوطنِ الباكي والبشرِ المُشرَّدين الجائعين وأولئك المُحاصرين بلا ماءٍ ولا غِذاء ولا حياة ...
وأولئكَ الذين فُرِضَ عليهِم استِنشاقُ السمومِ حتى الموت ...
وأولئكَ الصَّابرينَ على معيشتِهم والمقاوِمين بِكلِّ ما أوتوا من حلُم ليصرخوا بوجوه المُتخاذِلين جميعاً ..
" هانحنُ ما زِلنا وسنمضي حتى تًُشرِق شمسُ بلادِنا من جديد ، سنبقى فبِأيدينا سيُبنى الوطن من جديد " ...
تُرى ما حجمُ آلامي جميعاً أمامَ آلامِ هؤلاء ؟...
أراهُ لا شيء أبداً ، ليسَ سِوى نقطةٍ في بحر كبيرٍ واسع المدى ...
#مياس_وليد_عرفه

تعليقات
إرسال تعليق