كلَّ مرَّةٍ كان يسيطِرُ عليه الغضب لم يكن يصنع سوى فنجانَ قهوةٍ ويجلِسُ مع وحدتِه ،
تلكَ هي عادَتُه منذ أن امتلأت روحُه يأساً من أنَّ حاله سيتغيَّر ..
كتب هذه المرة على حائطِ صفحتِه الخاصَّة على فيسبوك ...
" وحدها القهوة تستطيع تذليل الغضبِ وإخضاعه لِألاَّ يُشعِلَ القلبَ بركاناً يلتهِمُ كلَّ ما حولَه بِشراسةٍ فيندم ! "
وأغلَق هاتفه بملَل وبدأ يُحدِّثُ نفسه :
منذُ أن بدأَت تلك القراراتُ اللعينة بالتَّتابُعِ يوماً بعد يوم وأنا في هذه البلادِ الغريبةِ غريبٌ ووحيد ...
جئتُ على أملِ أن أعملَ لِأعيل عائلتي " أبي ، أمي ، إخوتي " ، فخانني الأمل وخانَتني ورقةٌ كُتِبَ عليها ..
" انتَهت صلاحيَّةُ إقامتِك " ..
والآنَ بِتُّ بِلا عمل ،و بِلا أيِّ قيمة ..
أصبَحتُ وحيداً منبوذاً بين شعبٍ هم على ديني ويتكلمون بِلُغتي !..
ولكنَّ الفارِق بيننا أنني بِلا وطنٍ أقطُنُ داخلَ وطنِهم ...
كيف لِورقةٍ لعينةٍ قتلَ جميع الآمالِ بلمحِ البصر !؟
كيف لها أن تُقعِدَني هنا بِعجزٍ والبارِحة فقط كنتُ أعملُ بجدٍّ في البِناء ؟
كيف لِوطنٍ مازالت حِجارةُ جُدرانِ بِناياتِه الشاهِقة تحمِل بصماتي وحبات عرَقٍ سقطَت سهواً في وضَحِ النهارِ وحرقَةِ
شمسٍ لا ترحَم أن ينبِذَني هكذا ويرمي بِشقائي أدراجَ الرِّياحِ وفوقَ ذلك يزيدُ البلاء بلاءً ؟..
سقطَت دمعةٌ ذليلةٌ من عينَيه وتساءلَ قلبُه بارتِجافٍ : ما العمل ؟!..
أكادُ أُجنُّ ياقلبي أرجوكَ ارحمني فنفسي لا أعلم ...
كلَّما فكَّرتُ بِعائلتي أتمزَّق حسرةً ، من لهم غيري والآن لم أعد أستطيع إعالة نفسي وإخراجي من هذا المأزق ...
كل ما أجنيه من عملي أُرسِلُه لِعائلتي التي لم أستطِع جلبَها إلى هذا الوطن فأصبحوا غُرباء في وطنٍ آخر ..
كيف لي أن أجمعَ شيئاً يُعينُني الآن وقد فقدتُ حقي في العمل ؟..
وضعَ رأسهُ بين يديهِ بأسفٍ وبدأ يبكي بِنحيبٍ شديد خيبتَه ...
#مياس_وليد_عرفه

تعليقات
إرسال تعليق