اسم الكتاب: رأفةً بي
اسم الكاتبة: سهير محمد خير المصطفى
نوع الكتاب: رواية
عدد الصفحات: 150
رغم أنَّ رحلتي مع هذه الرواية جاءت متوافقةً مع توقيت مزاجي الكئيب وأوقاتي العصيبة التي مررت بها مؤخرًا، إلا أنها كانت تُربِّتُ على كتفي أحيانًا، وتخبرني بأحيانٍ أخرى أن هذا الضيق سينتهي، كانت صديقةً نادرة ووفيَّة، ومهربًا أختبئ بين سطورها كلما باغتتني مخاوفي وأفكاري المسمومة فجأة!
لم أكُن أريد لها أن تنتهي ربما لأنها تحكي شيئًا ما داخلي بين سطورها، ولهذا بقيتُ أقلِّبُ 150 صفحة خلال شهرين تقريبًا، في حين أنه بإمكاني الانتهاء منها خلال يوم واحدٍ فقط!
لا أعلم إن كان ما فعلته جنونًا أم هدرًا للوقت!
لكني رغم ذلك كنت أجدُ بعضًا من الاطمئنان بين السطور، وبعضا من المواساة بين سطورٍ أخرى.
"رأفةً بي" رواية تتحدث عن الرأفةِ التي تنقصُ أيًّا منا، الرأفة بالقلوب، بالمشاعر، بالظنون، بالحنان، بأيِّ بسيطٍ قد يُنقذُ من دوامةِ المخاوف والقلق.
تتحدث الرواية عن الصحفية "سارة الدمشقي" التي قررت أن تسرد قصة والدتها في روايةٍ أثناء غربتها عن سوريا بمصر حيث شاء القدر لهما، لتتقاطع الأحداث في زمنين، زمن الوالدة "نيفين" وزواجها التقليدي وحياتها القاسية مع زوجٍ أجبِر على دفن حبٍّ قديمٍ كان مشتعِلا ذات يومٍ والزواج بفتاةٍ صغيرةٍ حُرمَت أحلامها في إتمام دراستها اختارتها له العائلة، ليُمارس القسوة عليها ويُحيل حياتها إلى جحيمٍ إلى أن يشاء الله لها الخلاص.
تتحدث الرواية بأسلوب سلس وبسيط عن العادات والتقاليد التي تمسك بها أجدادنا منذ القِدم وأثرها على مجتمعاتنا، عن القراءة واللذة التي ترافق القارئ فتجعله كعاشقٍ متيَّمٍ بصفحاتِ كتابٍ يعيشُ الحكايات وكأنها واقِعٌ ملموسٌ بين يديه وأمامَ عينيه، عن الحب وبداياته الخاطفة للأنفاس والقلوب والألباب، عن تأثير الحب الأسطوري الذي يقلب حياة المرء رأسًا على عقِب، فيرى المُحِب الحياة جميلةً وسط عينيِّ محبوبه، رغم كل صعبٍ وظروفٍ قاسيةٍ تحيطُ بهما.
عن البرود في المشاعر، البُعد ومن ثم الفراق التدريجي الناتج عن خيبةٍ جرَّت خلفها الكثير من المشاعر الميتة جرَّاء الإهمال!
في الأعوام الأخيرة صار الحب شديد الارتباط بالحرب التي اشتعلت فأحرقَت ما أحرقت من بلادٍ وعبادٍ وقلوبٍ وآمالٍ وأحلام، لذا كان من المفترض المرور بالحرب والتحدث عن خرابها للأرواحِ قبل الأشياء.
صار الوطن مرتعًا للحروبِ والحب وحده من ضاعت معالمه هناك، فلا يُعرف له طرفٌ ولا لمحة أمل حتى تنتهي حكايات ذلك الوطن، وحكايات كل من ينتمي إليه في الخارجِ مبتورة، غير واضحة يكسوها البرود واللامبالاة!
كما كانت نهاية الرأفة التي طلبتها سارة من إبراهيم ليجيب عليها بالصمت ولا شيء سوى الصمت.
#مياس_وليد_عرفه
اقتباسات أعجبتني..
- الحب كالحرب يا سيدي، لا يُنحَرُ بها إلا الأبرياء..
- منذ أن حلَّت الحرب في بلادنا وحياتنا بيدِ القدر، يقود سفينتنا على هواه، وما علينا سوى الاستسلام والتسليم بالقضاء بما كتبه الله
- مَن شهِد الموت يا إبراهيم تموت الدنيا في عينه.
- هي الأرواح تلاقَت، روحي أحبتكِ، ليس لي سلطةً على ذلك، فحب الروح للروح أقوى وأطهر من أي حب.
- وهل ينسى المرء حبًّا سكن في قلبه زمنًا؟
نضج وكبر معه، علَّق كل أحلامه وآماله عليه؟
- لكني خشيتُ في ذات الوقت وتساءلت هل من المعقول بأنك تريد أن تنسى حبك معي؟
- لأن الحب يسكن في قلوبنا فهو كالبصمة التي لا تتكرر ولا تتبدل بأخرى، وإنَّ النسيان عصيٌّ على قلوب الصادقين.
- لم يكن الغصن هزيلًا، بل كانت الرياح لا تحتمل.

تعليقات
إرسال تعليق