القائمة الرئيسية

الصفحات

سُئلتُ منذ أيامٍ في لِعبةٍ مع مجموعةٍ من الأصدِقاء ...
" ماذا لو كنتِ أمكِ ؟"...
واليوم عاودَني السؤال بيني وبين نفسي ...
فشَرَعتُ أُجيب عليه كِتابةً وهذا ما خرجتُ به من نوبة غرقي بين الكلِمات ...

لو كنتُ أمي ...
لفعلتُ كما فعلَت تماماً ...
وضمَمتُ طفلةً مريضةً تتهاوى بين الحياة والموت ...
لم يتفانى القدَرُ في تعذيبِها منذ النفس الأول لها في هذه الدنيا ...
سلبَ أوكسيجين الدنيا عنها ولَوَّن جسدَها الصغير بالأزرق حتى أنه تمادى بها بأن واجَهَت الموت منذ أيامِها الأولى ...
وكان مِن نصيبِها أن تعيش أشهُرَها الأولى بِلا أم !...
في الحقيقة أنَّ من كبُرَت في رحِمِها هرَبَت دونَها ، ربما قدر الطفلةِ كان السبب ...
لو كنتُ أمي ...
لفعلتُ مِثلَها تماماً وعاهَدتُ الطفلةَ بأن أكون أمها طيلة العمر ...
وعاهَدتُها بأن أخلُقَ من ضعفِها قوةً وأُسلِّمُها كافةَ الأسلِحة لِتُواجه هذا العالم البائس بِظلمه ...
لو كنتُ أمي لَصَمَمتُ أذُنَيَّ عندما ثرثرَ الأطِبَّاء بأنَّ هذي الطفلةَ لن تقِفَ يوماً على قدَمَيها حتى تمشي خُطوةً واحدة ...
وبَقيتُ أُجاهِدُ بكلِّ ما فيَّ من قوَّةٍ وإيمان حتى أُثبِتَ بأنَّهم مُخطئون لِمدَّةِ سبعِ سنواتٍ بِدونِ يأسٍ أو ملل حتى مشَت ...
لو كنتُ أمي لفعَلتُ كما فعلَت تماماً ...
بأن أجعلَ الكتابةَ نافِذةَ أملٍ تتحدَّى بها الطفلةُ كلَّ ما تُواجههُ من ألم وقهرِ تلك العيونِ المُشفِقة ...
وتلك القلوب التي لم تتقبَّل اختِلافها وضعفها ، وتلك العقول التي اعتقدَت دوماً بأن ضعف جسدِها مُرتبِطٌ بعقلِها وتفكيرها ...
وما علِموا بأنَّ عقلها هذا يفوقُ توقُّعاتِهم ، وقلبُها يُغطي قلوبَهم جميعاً ...
لو كنتُ أمي لَفعلتُ كما فعلَت تماماً ...
حينَ انحنى ظهرُ طفلتِها مُعطِياً إياها مظهراً غريباً يَلفِتُ انتباه الناظرين لِتشَوُّهٍ خُلُقي واضح ...
ولِلأسف أكثرُ أولئكَ النَّاظِرين كانوا ساخِرين !...
لأخبرتُ الطفلةَ بأنَّها مميَّزة وجميلة بِنظري وعِند الله هي الأنقى قلباً ...
لَعلَّمتُها فنَّ التجاهُلِ والابتِسامةِ في وجوهِ الهازئين ...
لأخبرتُها بأنها رائعةُ بكلِّ ما هي فيه ومُختلِفةٌ أيضاً ...
لَجعلتُ من أحلامِها حقيقةً ومدَدتُها بكلِّ الثقة التي تحتاجُها كي تُكَوِّن ذاتها ...
لو كنتُ أمي لفعلتُ ما فعلَت تماماً ...
حينما ظهرَت من كانَت السَّبب بِوجودِها بعد أربعٍ وعِشرين عاماً لِتُخبِرها ، " أنا أمُّك " !...
لَعلَّمتُها التسامُح والمغفِرة وتقبُّلِ الواقِع الجديد كما هو ...
لو كنتُ أمي لجعَلتُني حقيقةً على هذا الكوكب كما أنا الآن زهرةُ صبَّار قاوَمَت كلَّ شيء حتى كبُرَت وشاعَ اسمُها بين الملأ ...
وليتني أكون كأمي فمِثلُها لن يكون ...


#مياس_وليد_عرفه

تعليقات

التنقل السريع