القائمة الرئيسية

الصفحات

الكتابة نِتاج لِما يختلج في الروح

 

بدأتُ الكتابة بعمر صغير، كنتُ بالفترة الإعدادية من دراستي عندما بدأتُ أخطُّ أولى حروفي على أوراق وأخبئها في دولابي الخاص كي لا يتلصَّصَ عليها أحد، أو يقرأها أحد إذ أني كنتُ أعتبرها سرِّي الخاص الذي لا يجب أن يعلم عنه أحد لأنها كانت بِمثابةِ حياة أخرى كنتُ أهربُ بها من الواقع إلى عالم الخيال حيثُ أجد الهدوء وأصلُ إلى حالة من السعادة المُطلقة والقوة التي تسنِدُ ضعفي وتُكملُني مانِحةً إيَّاي الثقة والكثير من الأمل لِأتسلَّح به ضدَّ صعوبات وعقبات الحياة.

الكتابة جعلت مني شخصًا آخر بأفكار جديدة ورؤية مختلفة عما كانت عليه، حولتني من فتاة ترى نفسها هشَّةً ومختلفة بجسدٍ ضعيفٍ مُشوَّه، مُقيَّدة وسجينةٌ روحها داخل جسدِها تنظر من بعيدٍ إلى حياةِ الآخرين من حولِها وتلمحُ سعادتهم مُتمنِّيةً لهم المزيد منها، ولها فقط الحرية!

حوَّلتني الكتابة إلى فتاة قوية بروحٍ مليئة بالأمل والحياة، حرَّرتني ومنحتني جِنحانِ أطير بهما في عوالِم الخيال والحروف، ومجاديف أُبحرى بهما في بحار الأدب واللغة.

باختصار، الكتابة حرَّرتني من قيودِي وقضباني، حرَّرت روحي من سجنٍ وهمِيٍّ أنا مَن وضعها به ساعةَ يأسٍ آمُلُ أن لا تعود.

للكتابةِ سِحرٌ خاص لِأنها نِتاجُ ما يختلِجُ الروح من مكنونات ومشاعر قد لا تظهر للعَيان، وَ وِجهات نظر قد تبقى دفينةً في الدواخل، فعندما ينقل الكاتب أحداث معينة أو مشاعر فإنه سينقلها من داخله، من مكنونات روحه ورؤيته الشخصية للأمور، سيكون صادِقًا بمشاعره حيثُ أنَّ لحظةَ الكتابة تشبه لحظة الإعتراف بالحب، لحظة احتضان أم لِمولودِها المُنتظَر لِسنوات، لحظةاختباء طفلة خلف أبيها لحظةَ ذعرٍ مُفاجئ.

لحظة الكتابة تشبه أصدق اللحظات التي قد يعيشها الإنسان في حياته.

العالم مليء بالأشياء والأحداث المُلهِمة للكتابة، الأحداث المؤلمة التي تستفِز المشاعر لأن تنزف على الورق، العالم مليء أيضًا بالحب والأمل والأشياء التي تدعو لِنشر الحب عن طريق الكلمات.

مليء أيضًا بإبداعات الخالق من الجمال ما يجعل الإنسان يُسبِّح باسمه بدون وعي، ويشرُعُ يالكتابة!

قد تُلهِمني حِكاية عابرة سمعتُها أو قرأتها، أغنية جميلة بدأتُ بها صباحي وأخرى قضيتُ برفقتها سهرتي مع الليل، قد تلهِمني ضحكةُ طفلٍ أو دمعةٌ تحاولُ جاهِدةً الخروج من عينَيه، وقد تُلهمني صرخةُ امرأةٍ مكسورة القلب أو فرحتها بانتصارٍ حصلت عليه بِشُقِّ الأنفس، دمعةُ رجلٍ عجوزٍ مهدودِ القِوى لا حيلةَ له ولا طاقة لاحتمال مُصابه.

يُلهِمني الرُّكود في حياتي واجتهادي الدائم لِمحوِه من حياتي.

تُلهمني نفسي التي لم تسمح لليأسِ أن يُسيطر عليها فرسمت لها طريقًا من الأحلام والأهداف التي تُوصِلها للنجاح وإثبات ذاتِها، وستسعى جاهدةً للوصول مهما كلَّف الأمر من جهدٍ وتعب.

تُغويني القراءة بشكل عام إن كانت المادة المقروؤة كتاب أو رواية أو مقال، ولكنَّ قراءة المقالات بحد ذاتِها تُكسبني المزيد من المعرفة والخبرة في مجال كتابة المقالات كَوني أحد المهتمين بها، تزيد من شغفي للكتابة وتُوسِّع مدارِكي ومعلوماتي، وفي بعضها قد أتأثر بها فتزيدُني طاقةً وحماسًا لِتجربة أشياء جديدة تكسر روتيني وترفع من ثقتي بنفسي.

إن الكتابة هي أسلوب التوثيق الأول عبر العصور لكن لا أظن بأنها ستبقى بنفس فعاليتها إلى الأبد مع ظهور الكثير ممن يعتقدون أن الكتابة نوع من أنواع التسلية وباب من أبواب الشهرة، ولكن مِصداقية الكاتب الذي يقوم بالتوثيق هي ما تُحدِّد بشكل صريحٍ إن كانت ستبقى أم لا.


#مياس_وليد_عرفه




تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق

إرسال تعليق


التنقل السريع