ردًا على رسالةٍ من صديقةٍ لي على بريدي تخبرني فيها أنها بكت حين قرأت مقالتي الأخيرة "وداعا حسن سامي يوسف"، وبأني تمكنت من منحِها الفرصة لكي تودع منزلها وداعًا يليق به وتبدأ بدايةً أخرى مع عائلتها وعلى أرضٍ جديدة، كتبت:
أعترف أني تأخرت بالقراءة ولكن لا لشيءٍ سوى لأني أشعر وكأنني أسابق الزمن.
ألزمتُ نفسي بالكثير هربًا من دوامة الفراغ والقلق، حدَّ أني لم أعد أجد الوقت لفتح بريد الرسائل المليء بالكثير.
حين قررتُ كتابة المقال كنتُ مرتبكة وخائفة، مترددةً بدأت بكتابة الكلمات والحزن يملأ قلبي.
لي مع حكايات الكاتب "حسن سامي يوسف" رحمه الله الكثير من الذكريات. وحين علمتُ بأن لا حكايات جديدة له شعرتُ بالألمِ والخيبة!
الخيبة من أني لن أرى اسمه على شاشة التلفاز ككاتبٍ للعمل حتى أتشوق إليه، والخيبة من أنْ لا يتمكن أحدٌ من رصد واقعنا وعلى حقيقته للعالم، واقعنا الذي يمتاز بالمأساوية والكثير من القلق والتأخر الحضاري المفروض علينا نحن كسوريين منذ زمن بعيد!
فإلى الآن يسعى السوريون فقط لتأمين احتياجاتهن الأساسية دون زيادة عنها ومع نقصان!
إلى الآن يسعى السوريُّ داخل بلده ليتمكن فقط من أخذ حقه لأن يطمح بحياةٍ أفضل!
فأي كاتبٍ آخر سيُصور المأساة ويتحدث بألسنةِ أولئك الطامعين بحياةٍ كريمةٍ هانئة بلا زيادةٍ أو نقصان؟
وأي كاتبٍ آخر سينثر كلماته البديعة على ألسنةِ أبطاله كرسائل يُمرِّرها لنا؟
خبر رحيله جعلني أفكر: ماذا لو مِتُّ يومًا؟
أي رسالةٍ سأتركها وأي أثرٍ سأغرسه في القلوب ليبقى ذكري حيًّا أكبر وقتٍ ممكن في ذاكرةِ الأحياء والموجودين؟
ماذا إن كان الموجودون لا يعنيهم الذِّكر والأثر ولا الكلمة؟ أيضيع عمري سُدى؟!
شعرتُ بحزنٍ آخر مع حزني لرحيله، حزني على عالمٍ كلَّما تقدَّمت به الأيام زاد من حوله الخراب!
أمَّا الآن وقد قرأت رسالتك بكلماتها التي كالبلسم، هيمنت طمأنينة داخل قلبي ونما غُصنٌ من الأمل تطير فوقه عصافير من فرح!
فقدرة الواحد منا على منح الآخرين الفرص الجديدة حتى يبدؤوا من جديد لهي الأثر الأعمق الذي قد يطمح إليه أي كاتب..
#مياس_وليد_عرفه
تعليقات
إرسال تعليق