القائمة الرئيسية

الصفحات



وأنا تائهةٌ  في هذا العالمِ المُقفِرِ إلا من الأسى والظلام ...
أتعثَّر باللاَّشيء ، أقعُ أرضاً وأتلوثُ بدماءٍ حسِبتُها من وطني ...
ولكنَّ لحظةَ إبصارٍ مفاجئةٍ على الحقيقةِ صَدَمَتني صافِعةً إيايَ بكفٍّ من قسوة ...
ويحكِ !..
ألم تُغادري الوطن حامِلة أمتِعتكِ قاصِدةً الرَّحيل ؟...
ألم تندبي حظكِ العاثِر كلَّ ليلةٍ على سهركِ تحت سماءٍ ليسَت لكِ ...
ووجودكِ على أرضٍ ليست أرضَكِ  ، وشربِك من ماءٍ ليست من حقك ؟..
ألم تتمني الموتَ ألف مرة على لجوئكِ لِوطنٍ رفض احتِضانكِ وما زلتِ تواظبين التنفس من هوائه ...
رغم علمِك بأنه لن يُغيِّر موقفه بشيء ؟...
ثُمَّ إنَّ ما تعتقِدينها دِماءً ليسَت كذلكَ في الحقيقة ...
لاتندهِِِشي ، هي بقايا أوهامِك البالِية ، ومحاولاتِكِ الفاشِلَة لِلتغيُّر ...
ويحكِ!...
متى ستفهمين فيزيولوجيا القلوب ؟...
الحُب والتقبُّل لهما أنظمة سرية ، مُعقَّدة ...
لهما سيكيولوجيا عجيبة من الصعبِ على فتاةٍ وضيعةٍ مثلِكِ معرفتها ...
وليس أنتِ فحسب ..
منذ عصور والإنسان يحاوِلُ فهم تلك المعجزة المُسمَّاة بالقلب ...
معجزة حقاً ...
خلقها الله للمحبَّة والمودة والتراحم ...
نعمة أودعَها الإنسان حتى يُحبَّ لِيعيش ...
ويحتضِن قلوب البشر جميعا من كِبارِ قاماتٍ أو حتى فقراء ومنفيين ...
آه .. كم تُشبِهني هذه الكلمة !!...
منفيَّةٌ أنا منذُ الأزل ..
مرة داخل صندوقٍ مُحكم القبضَة كالسجن !!...
ومرة داخِلَ وهمٍ اختَلَقتُهُ من تِلقاءِ حماقتي ، وأخيراً خارِجَ وطني لِأكون هنا غريبةً .. مُقطَّعةُ الأوصالِ والأحلام ...
كيفَ لِلقلوبِ التي خٌلِقَت للمحبَّة أن تعتنِق الحُروبَ والقسوةَ أسلوبَي حياة ؟...
كيف لها أن تُآثِر المصالِح على حسابِ الأبرِياء لِتمشي بآلةِ الموتِ على أجسادِهِم و الفقراء ؟
كيفَ لها أن تُعذِّب أرواحاً أُبعِدَت وتاهت بينَ أشرِعة المَهاجِر لا تلوي على شيءٍ سوى الأمان ...
شعرتُ لِلحظةٍ بالإختناق .. كِدتُ ألفِظُ آخرَ أملٍ لي في هذا الكون المُعقَّدِ ...
لو لا أنَّ صوتاً همسَ بأذني همساً فيه من الحنانِ ما غطى هذا الكوكبَ المُشوَّه بالألم ...
" لن تكوني وحيدةً بعد اليوم ، منفاكِ هُنا في قلبي لكِ كلُّ الحُقوقِ المشروعةِ بالتصرُّفِ والحلم ...
لكِ كلُّ ما تشائين من غاباتِ الأمل ، وأشجارِ السعادةِ ..
أما عن ثمارِ نجاحك فسأقطِفها لكِ بيدَيَّ ثمرة .. ثمرة ...
أما عن ذاك الوطنِ البعيد .. فهاتِ يديكِ وانهضي أنا وطنُكِ الخاصُّ طيلة عُمُرِك ...
هاتِ يدَيكِ أحتضِنُما وقلبَكِ المُرتَجِفِ هذا ريثما يقرعُ القدرُ أجراسَ الرجوع ...
هاكِ زهرةٌ زرقاء مني تُجسِّدُ حُبي العميقَ لكِ ..
بوحي لها بما تعثَّرَ به لسانُكِ ريثَما تعتادينَ عالمَكِ الجديد "
استفقتُ بعدها من سكرةِ التيه لِأجدَ بأني لم أتعثَّر بشيء سوى بقلبِ أحدهم و زهرة  ...
بقيتُ أُردِّدُ فرحاً وكأنما السماء أمطرَتني بالأملِ فجأةً ...
قد أهداني القدرُ وطناً !!...

#مياس_وليد_عرفه

تعليقات

التنقل السريع