منذُ أن وطِئَت قدماي أرض المنفى ...
وأنا أعاني تشتُّتاً في كل شيء ...
أراني دوماً غارِقةً بِالفراغِ أُحدّقُ في اللاَّشيء ...
وكأنَّ اللاَّشيء هذا سيُخرِجني من بحرِ غربةٍ مُتلاطِمة الأمواج ...
تَقذِفُ بي يُمنةً ويُسرةً راميةً بِجميعِ أحلامي عرض البحر ...
نعم يا سادة .. خسِرتُها جميعاً دُفعةً واحِدة ...
ومعها خسِرتُ أن يكون لي وجوداً حقيقيَّاً بين أشخاصٍ حولي دون أن يكون فِكري في مكانٍ ما ...
وأيضاً قوَّتي التي كانت بالأمس قد ملأَت روحي أملاً وثقة ...
الآن باتت خاويةً تتقاذفُها مخاوِفي و استسلاماتي الدائمة ...
منذُ أن وطِئت قدماي أرض المنفى نسيتُ نفسي ولم أنسى كلماتي ...
لم أنسى هِبةً منحني إياها خالِقي ...
ربما الآن وجدتُ ضالَّتي ، أو ما سيُعينني داخلَ تلك الأمواج كي لا أستسلِم يوماً ...
ذاتَ يومٍ باتَ بعيداً أمسكَت يدايَ حلُماً كنتُ أعتبرهُ مستحيلاً ...
حتى أني بدأتُ أعيشُه بكلِّ تفاصيلِه ، وبتُّ متأكدةٌ تماماً بأنه تحقَّق ...
أو هكذا خُيِّلَ لي !...
فجأةً وأنا أعيشُ شغف الانتظار فإذا بموجة مجهولة قذفَت به بعيداً ...
بعيداً جداً دون أي سابق إنذار ، ودون أيِّ سببٍ يُذكَر ...
يئست وقتها لا أنكِرُ ذلك أبداً ...
وعُدتُ لِلغرقِ في اللاشيء ...
وكتبتُ كثيراً حتى أنسى ماحصل ...
أخبرتُ ورقتي بأنِّي لستُ في وطني حتى أتمنى ما يحلو لي ...
وبأن وطناً يُضيقُ خِناقهُ عليَّ لِدرجة أن يحرِمني من التحرُّرِ من آلامي الطويلة ...
ليس وطني ، ولن يكون ...
إنَّ وطناً يقتُل آمالَ قاطِنيهِ ليس وطناً ...
أخبرتُ ورقتي بأني لن أنتظِر الخلاص سوى من الله ...
وبأني سأتَّخِذُ الكتابةَ سِلاحاً أُقاوِم به تلك الأمواج وذاكَ الوطن ...
وبأني سأعودُ يوماً إلى دمشقَ أرقُصُ فرحاً وأنا على قيد الحريةِ من سجني الطويل ...

تعليقات
إرسال تعليق