أوصَتني صديقتي قبل أن أستقِلَّ طائرة رحيلي بأن لا أُفرِط بالحزن ...
وبأن أتمسَّك بالأملِ دوماً وأرفع إصبَعَهُ في وجهِ الظروفِ جميعاً ...
وقد كانت لِتلكَ الإصبعِ حكايةٌ طريفةٌ بيننا ، فاعتمدناها ذكرى دائمة ...
ومُسكِّناً ممتازاً لِحالات الشوقِ المُضنِيةِ وسبباً لِضحكةٍ مُفاجئةٍ في أوقات الوِحدة المُظلِمة ...
سامِحيني صديقتي ، ما التزَمتُ وصيَّتكِ ...
فقد سلَّمتُ نفسي لِلحزنِ طواعيَةً وما كنتُ لِأستطيع فعل شيء ...
صنعتُ لِنفسي قوقعةً أقبعُ فيها وحدي لِأوقاتٍ طِوال وسَمَحتُ لِلوحدة بأن تتسلَّل هي الأخرى لِتقبعَ معي ...
سامحيني صديقَتي ، ما التَزمتُ وصيَّتَكِ ...
وجعلتُ لِلدموعِ خطَّ سيرٍ دائمٍ على وجنَتَيَّ كلَّما لمعَت فكرةُ فقدانكِ فتحتُ الطريقَ سامحةً لها بالعبور ...
وكلَّما عبرَت بِمُخيِّلتي صورةُ جدَّتي التي ما عاشَت لِتحضُر مراسِمَ بُكائي الحارقِ قبل الوداع ...
بَكيتُ رحيلها عن الدنيا ، ورحيلي إلى المنفى معاً ...
هل تُراكِ تساءلتي يوماً عن سببِ تحاشِيَّ الحديثَ معكِ أو مع غيركِ من الصَّديقات ؟...
سيظُنُّ الكثيرُ بأنِّي نسيتُ الصحبةَ والأحباب !!...
وهذا من أكبرِ المُستحيلات ...
سامِحيني صديقَتي فَكلَّما هممتُ لأتحدَّث مع أحدٍ منكنَّ - على إحدى مواقِعِ التواصُلِ الإجتماعيِّ - دون سماعِ صوتٍ
أو رؤيةِ ملامحٍ خانتني دموعي واختنقت كلماتي غُصَّة في صدري ، وبكيت !!...
بكيت كيف كنَّا وكيف صُرنا ....
وسمحتُ لِلخيباتِ بأن تحتلَّ هدوئي عُنوةً وتسلِبَ مني خيوط الأمل ...
تمسَّكتُ بحلُمٍ بعيدٍ لم أُدرِك إلا بعد خسارَتي بأنه كان وهماً واندثر ...
جعلتُ النوم يسرِقُ أجمل أيامي وصار كلَّ حياتي ...
سامحيني صديقتي على كلِّ ذلك ، فوالله البعدُ عنكِ أفقدني ذاتي التي عرفتِها ...
والآن ، وبعد اعترافاتي لكِ أعِدُكِ بأن أُعيدَ رفعَ إصبعِ أملي ولو كان مِعوجَّاً ...
وأن أُمسِكَ بسلاحي الدائم ضدَّ كلِّ ما جعلني أنقُض وصيَّتكِ ...
وسأكتُبُ لكِ كلَّما زارتني وحدتي ، سأخبرها بِجرأة بأني لستُ وحيدة !!...
فصديقتي تقبَعُ في قلبي .. تشعُر بي وتفهمني ...
وتدعو لي كلَّما انقطعتُ عنها بأن أكون بخيرٍ ...
#مياس_وليد_عرفه

تعليقات
إرسال تعليق