القائمة الرئيسية

الصفحات



تاهَت بي الخُطى ، واندَثَر الحلُم أمامي كزُجاجَةٍ ساقِطَةٍ من مكانٍ شاهِقٍ في العلُو ...
صرختُ مَلِيّاً أن أنجِدوني فلم يسمعني أحدٌ قط !...
أكملتُ الطريقَ مشياً بِخُطواتٍ مُتثاقِلَةٍ بدونِ معرِفَةِ أي وِجهَةٍ تُذكَر ...
كان الطريقُ طويلاً وشاقّاً جداً أكادُ لا أرى لهُ نهايةً ...
كنتُ أشعُرُ بالدوَّارِ يحتلُّ رأسي ، وبالتعبِ يأكُلُ جسدي المُرهق ...
حاولتُ المُقاومةَ ومتابعةَ السَّير خلفَ صوتٍ داخلي يهمسُ بقوةٍ بأنَّ هناكَ أملٌ ما ...
بقيتُ أقاوِمُ حتى خارَت قِواي وسقطتُ أرضاً دونما حراك ...
وكأنِّي جُثةٌ هامِدةٌ ومجهولةٌ وسط صحراءٍ شاسِعةٍ من الضَّياع ...
كنتُ مُمسِكةً بيدي طوقاً دقيقاً في النعومةِ والجمال ، لم يكُن لي !..
ولم أعلم كيف وصل لِيدي ، عجيبٌ أمرُه !...
من وسط اندِهاشي خرجتُ بدهشَةٍ أخرى أكبر و أعمق ...
فتاةٌ فائقةُ الجمال بشعرٍ أسود فاحِم وابتِسامةٍ ساحرةٍ ظهرت فجأةً أمامي ...
وكأنها ليسَت من عالمِنا ، لربَّما كانت ملاكاً !!...
ابتسمَت لي برِقَّةٍ ويالها من ابتسامة !...
سألتُها بارتِباك ...
من أنتِ ؟...
وكيف جئتِ .. ثمَّ كيف جئتُ أنا إلى هنا ..؟
هذا المكانُ غريب وأنا أجهلُه تماماً ...
قاطعتني بِصوتٍ هادئ وملامِح تحمِلُ ذات الابتسامة ...
- لا تخافي .. أنتِ هنا بأمان ، هذا المكانُ مختلِفٌ تماماَ  عن عالمكم القاسي ...
أنتِ هنا على أرضِ الأحلام ، فأهلا بك ...
أما عنِّي ، فأنا روحكِ الجميلة .. قلبُكِ النقي .. ونواياكِ الحسنة ...
أنا ذاك الشيء النادِرُ فيكِ الذي أخبركِ به يوماً صديق ...
أنا ذاتُكِ المُختبئةُ خلف جسدِكِ الضَّعيف ، والذي تُلقين عليه اللومَ دائماً إذا ما وقعتِ ...
والذي تخجلينَ منهُ أحياناً لِتتواري خلف ستائر الوحدة والبُعدِ عن الآخرين ...
- ولكِنَّكِ جميلةٌ جداً ولا ......
- لا تتفوَّهي بتفاهاتِكِ وأحجياتِكِ السخيفة أرجوكِ ...
هل تعلمين سبب بقائكِ الدَّائم في الشَّتات والصِّراعات الدَّائمة ؟...
لأنكِ لم تؤمني بعدُ بذاتِك .. لم تسمحي لِلنور بأن يتدفَّق لِروحِك الجميلة حتى تنعكِسَ على ملامِحك الباهِتة ...
أما كفاكِ كل ذلكَ الشَّتات ؟...
أنا هُنا حبيسَةُ أفكارِكِ البائسة ، أرجوكِ أطلقي سراحي ودعيني أنعكِسُ على حياتِك ...
اسمحي لِأمل بأن يتدفَّق إليَّ حتى أُساعِدك ...
- ولكن كيف ؟...
- اطردي تلك الأفكار بِبساطة ، وتصالحي معي ومع ضعفِك .. اجعليه وسيلَةَ جيِّدة ومميَّزةً لِلتحليقِ بغيرِ عالمِ المظاهر ...
انظري لهذا الطوقِ بيدِك .. إنهُ إيمانُكِ الخجِل لذلك أغلقتِ عليه قبضتك ...
اجعليه قوياً وضعيه على صدرِك حتى يلمع كلَّما ضعُفَت قِواكِ فيزيدُكِ عزماً ...
هيا ضعيه ...
- حسناً .. ولكن هلاَّ ساعدتِني ...
- بكلِّ سُرور ...
وبعدها صحَوت وتفقَّدتُ ذاتي ومكاني ، أوووه لقد نمتُ على الأريكةِ البارحة ...
وهذا طوقي الذي لم انزِعه يوماً مالذي رماهُ أرضاً ، لرُبما بالغتُ بِبكائي وشكواي بسبب نظراتٍ مُشفقةٍ من أناسٍ غرباءَ 
شاهدتُهم أمس .. يال تعاستي أضعتُ ليلةً بالبكاء الغير المجدي من المُمكن أن أكون قد استمتعتُ فيها بقراءةِ روايةٍ ممتعة ومقطوعةٍ
هادِئة .... 
عليَّ أن أغيِّر فكري وأن أشفِق على أولئك المُشفقين ، هم لا يملِكون روحاً كروحي ولا قلباً نقيا حتى ...
لو كانوا يملِكون لما عاملوني على أساسِ هيئتي التي ربما لاتعجبهم ...
ولكن ما شأني بهم ، عليَّ أن أعيش وأحلُم ...
فتحتُ نافِذتي وسمحتُ لأشعةِ الشمسِ بالتَّسلُّلِ لِغرفتي ، صنعتُ قهوتي وبدأتُ على مشروعي الذي كنتُ أُخطِّط له ...
وسأحقق نجاحاً كبيراً به أيضاً .. أعِدُكِ يا ذاتي الجميلة ...


#مياس_وليد_عرفه

تعليقات

التنقل السريع