يتبادَرُ لِذهني ذات لحظاتِ جنون فكرةٌ عجيبة ...
ماذا لو كانت الحربُ شخصاً نراهُ بِجسدٍ وملامِح مثلنا ؟...
لربما تجرَّأتُ بفضولِ المجانينِ وغبطتِهم لأن أسأله على الرغم من علمي المُسبق بالإجابة ...
" ألكَ قلب ؟... "
أرني إياهُ حتى أصدِّقكَ إن قلتَ نعم !...
أرني إياه حتى أحاوِل تبرير أفعالكَ الشنيعة بوطني وبِنا ...
أرني إياه حتى يصمتَ جنوني ويهدأ هذياني ...
كل ليلة تُهاجمُني صورُ أطفالٍ مغطّاةٍ حتى أخمصِها بالدماء ، وبعضهم ملفوفين بالأبيض شاحبي الوجوهِ والملامح ...
بعضهم تتراكم أجسادهم الجامدة الزرقاء فوق بعضها البعض ، أخبروني بأنهم تنفسوا الموت بإفراطٍ مَغصوبين ...
وبعضهم بقايا أجسادٍ دُفِنَت بعد موتِها تحت بيوتٍ مُهدَّمة فوق رؤوسِهم ...
قيل لي بأنَّ فجائع انبَثقَت بعد ذلك لِتنخُر أرواح ذويهم الباقين ...
والبعض ماقبل الأخير فقد كانوا أجساداً تطفو في مياه المحيط بلا أرواح ، بلا حقوق ، بلا أدنى شعورٍ بالغضب لِأجلهم ...
أما البعض الأخير فهم الأقسى وضعاً من كلِّ أولئك ، أجسادٌ يتيمة تملِكُ أرواحاً مُمزقة ، بالية ...
تكادُ تعجزُ عن التخمينِ إن كانوا حقاً أحياء !...
لا أم ، لا أب ، لا أمان ، لا دفء ، لا شيء سوى أجسادٌ خاوية تتهاوى بين الحياة والموت ...
هناك في اللاَّمكان حيثُ هم يُجبرون على التَّأقلم مع شبحِ الموت ومُصادقتِه حتى !...
هناك في اللاَّمكان يلفِظون أنفاسهم المرهقة ويبعثون لي مع نسمات الصباحِ والمساء تأوُّهاتهم وبكاءهم ...
وأنا أُصِبتُ بالهذيان بهم ، طيوفهم تطوِّق عزلتي وتبكي في وحدتي وبعد إتمام طقوسِها المأساويَّة في مخيِّلتي ...
تُقهقِهُ ساخِرة : ويحكِ أتظنِّين بأنكِ على قيد الحياة أيضاً ولو أنَّ هذي البلاد التي تقبعين بها أرادت لفظكِ منها لفعلت وبدون تردد ...
لا تكذبي على نفسِك وتتظاهري بالاطمئنان وهي ما بِيومٍ تقبَّلَت وجودكِ حقيقةً ...
تماسكي جيدا ولا تجعلي الضعف ينخُرُ قِواكِ فتستسلمين لإرادتِها .. كلما سلبَت منكِ حلُماً فاجئيها بآخر وامضِ به ...
وإن لم يبقَ لكِ سِوى الكتابة ، أرهقي الغربة إذن بها ...
أتعِبيها كما أتعبَتكِ ، واجعلي القلمَ سيفاً صارخاً في وجهِها ولا تنسِنا ...
لطالما كانت الطفولة نقطةَ ضعفي وجرحاً ينزِفُ بي كلما وجدتُ طفلاً يبكي ولو بدونِ سبب ...
أكانَ ذلكَ بسبب الحساسيَّة المُفرِطة التي أعانيها ؟...
أم بسبب حنان الأمومة وعطفِها التي خصَّ بها الله جميع الإناث على وجه الأرض ؟...
لربما كنتُ مريضةً أيضاً بالإنسانية التي باتت وباءً نادرَ الوجود في عالمنا ...
رمَقني جسدُ الحربِ الذي اختلقتُه من تلقاء مخيِّلتي بنظرةٍ ساخِرةٍ حاقِدة جعلتني أنسى بما كنتُ أفكر قبل لحظات ونطق :
" بالمُناسبة .. لا أحد سيسمعُ نداءكم واستغاثاتكم ولن يروا نكباتِكم وفجائعكم لا عربٌ ولا غربٌ "
ومضى الخيال يتلاشى في اللاَّشيء وصوتُ الضحكة الساخرة والهازئةِ مازال يصدحُ في أرجاءِ غرفتي ...
صرختُ بصوتٍ غاضِب وحاقد وواثق على ذاكَ الخيال قبل اختفاءالصوت الأخير معه نهائيا ...
" ولكنَّ الله معنا "!..
#مياس_وليد_عرفه
ماذا لو كانت الحربُ شخصاً نراهُ بِجسدٍ وملامِح مثلنا ؟...
لربما تجرَّأتُ بفضولِ المجانينِ وغبطتِهم لأن أسأله على الرغم من علمي المُسبق بالإجابة ...
" ألكَ قلب ؟... "
أرني إياهُ حتى أصدِّقكَ إن قلتَ نعم !...
أرني إياه حتى أحاوِل تبرير أفعالكَ الشنيعة بوطني وبِنا ...
أرني إياه حتى يصمتَ جنوني ويهدأ هذياني ...
كل ليلة تُهاجمُني صورُ أطفالٍ مغطّاةٍ حتى أخمصِها بالدماء ، وبعضهم ملفوفين بالأبيض شاحبي الوجوهِ والملامح ...
بعضهم تتراكم أجسادهم الجامدة الزرقاء فوق بعضها البعض ، أخبروني بأنهم تنفسوا الموت بإفراطٍ مَغصوبين ...
وبعضهم بقايا أجسادٍ دُفِنَت بعد موتِها تحت بيوتٍ مُهدَّمة فوق رؤوسِهم ...
قيل لي بأنَّ فجائع انبَثقَت بعد ذلك لِتنخُر أرواح ذويهم الباقين ...
والبعض ماقبل الأخير فقد كانوا أجساداً تطفو في مياه المحيط بلا أرواح ، بلا حقوق ، بلا أدنى شعورٍ بالغضب لِأجلهم ...
أما البعض الأخير فهم الأقسى وضعاً من كلِّ أولئك ، أجسادٌ يتيمة تملِكُ أرواحاً مُمزقة ، بالية ...
تكادُ تعجزُ عن التخمينِ إن كانوا حقاً أحياء !...
لا أم ، لا أب ، لا أمان ، لا دفء ، لا شيء سوى أجسادٌ خاوية تتهاوى بين الحياة والموت ...
هناك في اللاَّمكان حيثُ هم يُجبرون على التَّأقلم مع شبحِ الموت ومُصادقتِه حتى !...
هناك في اللاَّمكان يلفِظون أنفاسهم المرهقة ويبعثون لي مع نسمات الصباحِ والمساء تأوُّهاتهم وبكاءهم ...
وأنا أُصِبتُ بالهذيان بهم ، طيوفهم تطوِّق عزلتي وتبكي في وحدتي وبعد إتمام طقوسِها المأساويَّة في مخيِّلتي ...
تُقهقِهُ ساخِرة : ويحكِ أتظنِّين بأنكِ على قيد الحياة أيضاً ولو أنَّ هذي البلاد التي تقبعين بها أرادت لفظكِ منها لفعلت وبدون تردد ...
لا تكذبي على نفسِك وتتظاهري بالاطمئنان وهي ما بِيومٍ تقبَّلَت وجودكِ حقيقةً ...
تماسكي جيدا ولا تجعلي الضعف ينخُرُ قِواكِ فتستسلمين لإرادتِها .. كلما سلبَت منكِ حلُماً فاجئيها بآخر وامضِ به ...
وإن لم يبقَ لكِ سِوى الكتابة ، أرهقي الغربة إذن بها ...
أتعِبيها كما أتعبَتكِ ، واجعلي القلمَ سيفاً صارخاً في وجهِها ولا تنسِنا ...
لطالما كانت الطفولة نقطةَ ضعفي وجرحاً ينزِفُ بي كلما وجدتُ طفلاً يبكي ولو بدونِ سبب ...
أكانَ ذلكَ بسبب الحساسيَّة المُفرِطة التي أعانيها ؟...
أم بسبب حنان الأمومة وعطفِها التي خصَّ بها الله جميع الإناث على وجه الأرض ؟...
لربما كنتُ مريضةً أيضاً بالإنسانية التي باتت وباءً نادرَ الوجود في عالمنا ...
رمَقني جسدُ الحربِ الذي اختلقتُه من تلقاء مخيِّلتي بنظرةٍ ساخِرةٍ حاقِدة جعلتني أنسى بما كنتُ أفكر قبل لحظات ونطق :
" بالمُناسبة .. لا أحد سيسمعُ نداءكم واستغاثاتكم ولن يروا نكباتِكم وفجائعكم لا عربٌ ولا غربٌ "
ومضى الخيال يتلاشى في اللاَّشيء وصوتُ الضحكة الساخرة والهازئةِ مازال يصدحُ في أرجاءِ غرفتي ...
صرختُ بصوتٍ غاضِب وحاقد وواثق على ذاكَ الخيال قبل اختفاءالصوت الأخير معه نهائيا ...
" ولكنَّ الله معنا "!..
#مياس_وليد_عرفه

تعليقات
إرسال تعليق