الغربة!
وقتها، ندِمتُ على طفولتي التي سرقَتها غربتي بألعابها التي لم أستمتِع بها سِوى داخل أسوار المنزل،
ندِمتُ على طفولتي التي لم تحفِر بذاكِرتي سوى صحراء قاحِلة جافة ذاتُ شمسٍ حارقةٍ لا ترحم،
ندِمتُ على عمرٍ ضاع من عمري لم أنعَم به بجنة الدنيا
سوريتي، جنتي، أجمل بِقاعِ الأرض، بلد السلام.
أصبحتُ أُحاول صُنع ذكريات طفوليَّةٍ جديدةٍ لي على أرض السلام.
بِتُّ أجوبُ في حاراتِ مدينتي التي كنتُ أجهلها أنا وإخوتي معاً.
وعلى الشرفة التي كانت بِحدِّ ذاتِها مسكني وملاذي، ذكرياتي ومنشأ أحلامي،
فيها عقدتُ أولى صداقاتي على أرض وطني مع نجومه،
فيها قرَّرتُ أن أكون يوماً نجمة متلألِئةً تنشر حباً، أملاً، وحياة.
فيها عشِقتُ القهوة وصوتَ فيروز والكلِمات
وعليها نشأت أولى حروفي " مِن شرفة منزلي "
أكملتُ دراستي وتعرَّفت على أصدِقاء جدُد، وجدتُ صُعوبةً في التعامُلِ معهم لِلوهلة الأولى بسبب الخوف الذي أورَثَتني إياه غربتي.
كان جميع أصدِقائي في البداية بمدرستي الإعدادية من الأولاد، فالوقت الأطول من دوامي في المدرسة حينذاك كنتُ أقضيه معهم،
كنتُ أحاول عيش طفولتي التي لم أعِشها في الغربة، كنتُ أحاول رسم ذكرياتٍ لي قبل أن أتعدَّى مرحلة الطفولة
ولِلأسف لم أجِد طفولتي مع الفتيات هناك، فأحاديثُهم لم تكُن تُغريني أبداً،
أو ربما لم تشُد رغباتي الطفولية، أو أنهنَّ كنَّ يتجنَّبن جلوسي معهن بسبب هيئتي التي لم تَرُق لهن!
إذ أنَّ هيئتي ووضعي الذي كنتُ أُعاني منه لم يكُ يتناسَب مع أحاديثهن التي طغَت عليها ملامح المراهقة.
مع أنني كنتُ أكبرهنَّ بعام ولكنَّ طفولتي كانت هي الطاغي الوحيد على تصرفاتي.

������� حلوة
ردحذفكمرورك بمدونتي :)
حذف