القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية "تشرين آخر" للكاتبة "منى عبد القادر"

 

الكثير من القيود التي تحاصرنا وتفتِكُ بسعادتنا ما هي إلا أوهامٌ قرّرنا بأنفسنا أن نتمسك بها ونتعلق بها حدَّ الجنون وكأنَّ تركها يعني النهاية الحتمية لحياتنا.

أغلب الأفكار والمعتقدات، العادات والتقاليد، الوطنية التي نتمسك بها لِوطنٍ حرمنا أبسط مُستحقاتنا، أحلامٌ ورِثناها وخفنا على أحلامنا المدفونة من الظهور كي لا تُوجَّه إليها أصابع الإتهام التي لن يرضى بها أصحابها، ومن هم أصحابها؟

ما شأنهم بحياتنا، بما نريد وما لا نريد؟

ألم يَمنحنا الله حرية الاختيار؟

لماذا نخاف آراءهم عنا ونظرتهم إلينا؟

ما ذنبنا إن اختاروا طريق الخوف كي لا يحيدوا عن مجموعة عاداتهم وتقاليدهم؟

ماذا عن ما أحبته قلوبنا وهدأت له أرواحنا؟

أليس من حق الجميع أن يحيا بسلامٍ بلا خوفٍ أو توَجُّس؟

هل يكفي الحب الكبير إن كان طرفاه في حالة كرٍّ وفرٍّ مع أفكارهم وهواجسهم للإستمرار؟

وهل يكفي إن كان كِلا الطرفين تائهان في عوالِم مختلفة تمامًا ومُتعاكِسة مع عوالم الآخر؟

ماذا لو قررا الانفصال وروح كلٍّ منهما معلقة بالآخر، فيصبح لهما حياة سوداء خاصة لكلٌّ منهما، ناقصان، متآكِلان، أشباه بشر؟

وماذا لو كان للقدرِ رأيٌ آخر إن قررا المضي معًا بكامل اختلافهما راضٍ كلٌّ منهما عن الآخر، فخطف الموت أحدهما ليُوارى تحت الترابِ في قبرٍ، ويبقى الآخر في قبر الحياة الموحِش؟

ما سبق هو مجموعة تساؤلات ساورتني وخواطر تلاعبت بأفكاري أثناء قراءتي لهذه الرواية التي تحمل عُمقًا آخر ومساحة لمُعاودة التفكير بكل شيء من جديد وبطريقة مختلفة عما اعتدتُ عليه، بما يخص الوطن، الدين، المعتقدات، ما تربَّينا عليه من أفكار، وما حُرُمنا منه بفعلِ "العيب" و "ماذا سيقول الناس"، الحب، علاقاتنا مع الآخرين، علاقتنا مع أنفسنا، الخوف من التغيير، من التفكير بالسير نحو الطريق التي تمليه علينا قلوبنا وعقولنا وأفكارنا، عن الخوف ممن تعلقت بهم قلوبنا، وقراراتنا المترددة والمتأرجحة بين "نريد البقاء"

"نخشى البقاء" بذات الوقت!

ناقشت الكاتبة كل ذلك بأسلوب جميل وقريب من القلب وكأنها كانت تعلم ما داخلي وتكلمت به، شعرتُ وكأني "سارة" فعلا، بل أني كنتُ واثقة بأماكن كثيرة أني هي، وما أنا إلا بمواجهة حقيقية مع ذاتي دفعتني للبكاء واستشعار حجم التيه الذي أعيشه حقيقة مع ذاتي.

جميلٌ أن تتواجه ونفسك في رواية، قد تفهمها أكثر، تعطيها الأعذار، وتحاول معرفة ما تريده في الحقيقة بكل حب.

وما ذلك إلا قوة وإتقان من الكاتب

شكرا للكاتبة "منى عبد القادر" على الوقت الخاص الذي منحتني إياه برفقة نفسي مع سارة في روايتها "تشرين آخر"

#مياس_وليد_عرفه




تعليقات

التنقل السريع