القائمة الرئيسية

الصفحات

 اسم الكتاب: عين الشمس

اسم الكاتبة: ابتسام إبراهيم تريسي

نوع الكتاب: رواية

عدد الصفحات: 260


بدأت الحكاية لطيفةً وجميلة، حبُّ النسيم للشمس لم يكن عاديًّا بعمقه، كان حبًّا كبيرًا تصورتُ أن لا نهاية قد تصيبه ولا فراق قد يعكِّر صفو عشقٍ صادقٍ كنتُ بحاجةٍ للتعرفِ عليه رغبةً لإقناع قلبي أن ليست كل حكاياتِ الحبِّ خائبة!

لكن باقةً مئويةً من القرنفل أودَت بتصوُّري أدراج الرياح ونسفت حكاية الحب لِيحدث الفراق مُبقِيًا على خيطٍ رفيعٍ جدًّا من المودَّةِ والحب الساكنِ في عمقِ كِليهِما موجودًا حقيقةً لا تقبل الإنكار.

تتسلسل الأحداث بعدها لنتفاجأ في كل حدثٍ ننسى لهولِه حكاية الفراق تلك، خِداعٌ يليه خِداعٌ فينشأ عن كلِّ أسى أسًا أكبر وأعمق، شخصيات الحكاية كُثر وجميعهم يربطهم خيطٌ وثيق بسير الأحداث مرُورًا بتلك الفتاة التي رآها ماهر الصغير من نافذة السرايا تطلبُ منه إعطاءها حبة الأنكيدينيا، إلى "أحمد علوان" السائس الذي يعمل في السرايا، إلى زهرة حب حياة ماهر الصياد منذ طفولته إلى أسماء لشخصيات أخرى ذُكِر اسمها مراتٍ قليلة إلا أن وجودها مرتبط بشكل وثيق بباقي الشخصيات بطريقة مذهلة.

أدهشتني الكاتبة بقدرتها على الربط ما بين الشخصيات جميعها بسرد جميل لا يخلو من الدهشة، فقد استطاعت أن تُشعِرني بالتيه أحيانا لأتمكن بعدها من ربط أطراف الحكاية في عقلي قبل إكمالها لِأنجح أحيانا بتصَوِّر الأحداث، ولأخفق أحيانا أخرى متفاجئةً بما لم أتوقعه!

تحدثت الكاتبة في روايتها "عين الشمس" عن مواضيع عديدة منها سلطة الأب وفرض قراراته على ابنه لِتسيير حياته كما يشاء هو لا كما يتمنى ابنه وما ينعكس عليه من تبِعات نفسية وعُقد وقرارات خاطئة في حياته عِنادًا وربما غضبًا من حرمانه ما يرغب به من أجل مصلحةٍ شخصيةٍ لأبيه، تماما كما حدث مع ماهر الصياد الذي وجد نفسه فجأة يدرس في الكلتاوية ليكون شيخًا، وقبل أن ينهي دراسته يجد نفسه وقد انتقل ليدرس الحقوق، وأمام قرارٍ نهائي بالزواج من ابنة الباشا التي تكبره عشرة أعوام!

بالتأكيد لن ينتج عن ذلك رجلًا سوِيًّا طيبًا، لا بدَّّ وأن يكون لمنحى حياته ثمنٌ كبير!

تطرَّقت لموضوع الوطن ومفهومه بالنسبة لمن ظُلِم وقبع داخل سجونه، الحب بمعانيه الكثيرة ومنها الأنانية والرغبات التي لا تنتمي للحب النقي بصلة، الانتظار الطويل خلف النوافذ لمن لن يأتي يومًا، الغربة والعودة، وأخيرًا اللقاء المُنتظر!

أثناء قراءتي كنتُ أتنقل بحماسٍ من حكايةٍ لأخرى، شدَّني أسلوب الكاتبة المليء بالمفاجآت، فكلما تسلل القليل من الملل بين السطور باغتني حدَثٌ أعاد فتيل الحماس مُشتعلًا من جديد!

تفكرتُ كثيرًا بإمكانية حب النسيم للشمس، وتساءلت: ماذا لو أحبَّ شتاءٌ قمرًا؟ أو غيمةً شبيهًا لها؟ 

هل من عادة تلك الحكايات أن يكون الفراق نهايةً حتميةً لها؟ ماذا لو لم تأخذ نسمة باقة القرنفل، وأبقت شمسها تشرقُ على كونها الخاص؟ هل ستكتمل الحكاية كاملةً بتعقيداتها المثيرة والمدهشة وتخرج لنا الكاتبة "ابتسام إبراهيم تريسي" بتلك الرواية التي ملكَت قلبي وعقلي، أم أنها ستنتهي عند نقطةٍ أخرى لن تثير حماسي؟

استمتعت أثناء رحلتي مع رواية عين الشمس وكان أكثر ما أثار حماسي مشاركتي القراءة مع صديقة هي أكثر من صديقةٍ بالنسبة لي.

من الأشياء التي أثارت استغرابي أثناء القراءة هو جرأة الكاتبة في مواضع كثيرة، ربما رغبة منها للاقتراب من الواقع الحقيقي أكثر فأكثر، لكن ذلك لم يمنع من أني استمتعت بالقراءة واستمتعت بالتعرف على قلم كاتبة من بلدي سوريا لم أكن لأتعرف عليه لولا انضمامي لماراثون القراءة بالأدب السوري الذي قامت به الصديقة والكاتبة فاديا اعزازي، والذي فتحت لي من خلاله نافذة للتعرف على أدباء وروائيين مبدعين من بلدي.

#مياس_وليد_عرفه

اقتباسات أعجبتني

- واكتشفتُ أنَّ الأحلام تفقد بريقها وحلاوتها وإدهاشها حين تتحول إلى واقع، بل تصدم صاحبها بقدرٍ كبيرٍ من المرارة، فيعرف كم كان أحمقًا حين استسلم للأوهام بقناعةٍ تقترب إلى اليقين.

- لولا الخوف، ما اخترع الجسد وسائله للدفاع عن النفس.

- قالت لي:" لا أحد يعود، كل من يدخل هناك يموت في أذهان الناس، يأكله دود الأرض ببطء ولا يبقى منه إلا لعنة تلاحِقُ من بقي حيًّا"

- لنفترق أحبابًا، فالطير كل موسم يفارق الهضابا، والشمس يا حبيبي، تكون أحلى عندما تحاول الغيابا"

- هناك أخطاء طبيعية، لا بدَّ منها كي نكون عُشَّاقًا خائبين، أو بشرًا أسوياء.. كباقةِ القرنفل المئوية! 



تعليقات

التنقل السريع