القائمة الرئيسية

الصفحات

 لا أحد بإمكانه معرفة حجم الوحدة بداخلك، ولا أحد باستِطاعته تصوُّر عمق العتمة داخل روحك المنطفئة..

لا أحد يمكنه تقدير حجم الخراب المتواجد هناك، في العمق السحيق من ذاتك!

ولا بإمكان أحدٍ تصوُّر الضجيج الذي تحاول طويلًا إسكاته والعيش بطريقةٍ أكثر قُربًا للطبيعية دون أن يشعر أحدٌ بحجم العجز الذي يكبِّلك!

قد تنتهي القدرة على التحمُّلِ كما تنتهي أي حكايةٍ في الدنيا، فلا شيء يبقى للأبد!

لكلِّ شيءٍ نهاية.

تُحدِّثُ نفسك مِرارًا بعد كل جدالٍ لا فائدة تُرجى منه إلَّا أن يتسرَّب شعورك بالوحدة والخوف إلى يدٍ قد تمد أصابعها لانتشالك فتفهمك، لكنك تعلم يقينًا أن تلك اليد المرجُوَّة لن تكون سِوى يدك!

لماذا أحاول إذن؟ ما الجدوى؟ 

ثمة الكثير يقترحون البوح بما تشعر به، لكن ماذا لو كان البوح بحدِّ ذاته شيئًا شديد التعقيد؟

إنه لمن أكثر الأشياء صعوبةً أن يكون المرء مختلِفًا عن كل من حولَه بأفكاره، ومشاعره، بما يُفضِّل ويحب، وبما لا يفضِّل.

ولأنه كذلك لا بدَّ من استراق الكثير من الوقت ليكون وحيدًا، لِيتعلم كيف يُوازن بين أفكاره ومشاعره، وبين حياته الاجتماعية وخصوصًا مع من تربطه بهم أكثر الروابط قربا للروح والقلب "العائلة" 

مفهوم الوحدة مفهوم مُتشعِّب وله وجوه كثيرة ولي معه وجهان تائهة بينهما يصعب عليِّ إيصال فكرةٍ منطقيةٍ لمن يتساءل، لكنني سأحاول شرح المعضِلة:

الوحدة التي قد يعاني منها المرء فتُتعبه وتؤرقه تختلف تماما عن الوحدة مع ذاته التي يحتاجها بشدة، إحداهما تجعله يشعر بالألم إذ أن الإنسان بطبعه يأنسُ بوجود الآخرين معه ممن يشبهونه بأطباعه وأفكاره وما يحب من أشياء وأماكن وهوايات، والأخرى تجعله يدخل أعماق ذاته ليفهمها ويساعدها على ترتيب أفكارها وموازنة الرغبات المُتخيَّلة مع الواقع.

إحداهما تجعله يشعر وكأنه لا مرئيّ، والأخرى تجعله يشعر وكأنه واضِحٌ وضوح الشمس لِكل العالم بما يحمله من أملٍ وأحلام.

إحداهما تمحو أثره شيئُا فشيئًا في محيطه، والأخرى تحفر أثره بين مجتمعٍ لا يعرف عنه شيئًًا إلا الصور وما يُكتب في المواقع الالكترونية حفرًا!

وسط المفهومَين عالِقة، أناقِضُ نفسي أحيانًا، وأخرى أكرهها وأشعر أن لا جدوى من المحاولة لأجلها، أحيانًا أحبها وأرغب بفعلِ كل شيءٍ لأجلها لأنها تستحق، وأخرى أنطوي على نفسي فأرفض كل ما أحبُّ وأريد، وبأحيانٍ أخرى أندفع بمحبةٍ وأمل لأفعل كل ما أستطيع لأصل إلى ما أستحق

كثرة التنقل بين كل تلك الحالات مُرهِق ومُتعِب إذ أن لا مبرِّر لكل ذلك، ولا قدرة لي على إيقافه أو فهمه أو حتى التعايش معه.

يبدو أنني في مأزِقٍ حقيقي ومُعتِم يجب الخلاص منه، أعلم تماما أني الوحيدة المعنية بذلك الخلاص لكن بداية الطريق لا زالت تائهة مني.

- مياس وليد



أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع