إحدى ليالي ديسمبر كانت الحلم الذي تحقق كما حكايات الخيال التي تنتهي كما يتمنى أيُّ مُستمعٍ أو قارئٍ أن تنتهي، باجتماع الأحباب وانتصار الحق وارتفاع أصوات الفرح.
كانت حكايةً عصِيَّةً على الاستيعاب، عصيَّةً على التقبُّل، وعصيَّةً على تصديق أن هكذا أحداث قد تكون نهايتها السلام!
حكاية وطنٍ حكمه مجموعةٌ من الحيوانات المُفترِسة التي تهوى نهش لحوم الأبرياء وأحلامهم، فقتلت ما استطاعت، ونكَّلت ما استطاعت، واغتصبت ما استطاعت من آمالٍ وأجسادٍ وأمان!
مجموعةٌ لم تعرف سوى الترهيب ونشر الدمار والظلام والموت حرقًا وقصفًا وخنقًا وذبحًا وسمومًا وغرقًا وقتلًا للأرواح والأحلام والأجساد والطفولة والحضارات والمستقبل والحجر والشجر وكل ما طالته أياديهم القذرة.
أبطال هذه الحكاية جميعهم مات لهم شهيدٌ أو حلمٌ أو بيتٌ أو حياة، الأقبية التي كانت ممتلئةً بالمعتقلين خرج بعضهم القليل واستشهد البعض الأكثر منهم، أرقام المختفِين قسرًا منهم مُرتفعة.
في كل بيتٍ سوري هناك من ينتظر عودة غائب، هناك من تمسك بأملٍ ضئيلٍ جدًّا، وهناك من فقد ذاك الأمل!
حكاية تتضارب أحداثها وتتشابك لتصبح معقدةً حدَّ صعوبة فهمها، هناك من فقد غائبًا ولم يعُد، وهناك من قيل أنه لن يعود ولكنه مع شروق فجر الحريةِ عاد من منفاه!
هناك من ظنَّ أنَّ الغربة ابتلعته للأبد، لكنها لم تفعل!
هناك من قال أن المهجر نهايته، فمدَّ الله بعمره ليكمِل ما بقي له على الأرض الحرةِ حين هربت جِرذانها التي ظنت أنها أسودًا!
هربت وأخذت معها ظلامها ليصرُخ منادٍ: يا أهل الحارة بشار سقط!
وليعلو صوت التكبير وأهازيج الفرح، ولِتسقط الدموع غزيرةً دافئةً في إحدى ليالي ديسمبر الباردة، ولكنها دموع فرحٍ وبهجة!
عاد الوطنُ أخيرًا وأشرقَت شمسٌ لطالما آمنتُ أنها ذات يومٍ ستُشرِق!
- مياس وليد

تعليقات
إرسال تعليق