عزيزي القمر...
تدور بداخلي حلقات لا متناهية من زوابع القلق المرصَّعة بإشارات استفهامٍ متناثرةٍ هنا وهناك لِأسئلةٍ كثيرةٍ لم أجد لِأيٍّ منها جوابًا، أشعر كما لو أني أدور داخل دائرةٍ مُغلقةٍ من كل شيءٍ يتعلق بحياتي!
أشعر كما لو أنَّ جيشًا من أصابع الاتهامِ يلاحقني، ويحاصرني: لماذا تبِعتُ قلبي؟
أسير بِثباتٍ كل مرةٍ أقرر فيها شكل حياتي ومستقبلي، وإذا ما نظر قلبي خلفي قليلًا أتعثَّر!
أحِنُّ لصداقةٍ دافئةٍ عقدتُها مع غيمةٍ كنتُ فيها في مكاني المناسب والملائم حيث أرغب من أيِّ علاقةِ صداقةٍ أعقدها مع أي أحد.
كنتُ كمن يعيش حكايةً جميلةً لا رغبة لها بأن تنتهي، لكنَّ الحكايات تنتهي والأبطال يفترقون!
ليس بالضرورة أن يفترق الأبطال في المكان أو الزمان، قد تتلاقى الأعين وتتفرَّقُ الأرواح، وأيُّ فِراقٍ أصعب من فراق الأرواح؟
اليوم وفي هذه الساعة المتأخرة من الليل في الأيام الأخيرة من ديسمبر للعام 2025 أشعر أني فقدتُ روحي للأبد.
لا أمل بعد اليوم ولا خيوطَ أتمسك بها، ربما صار من الضروري قطع هذه الخيوط نهائيًّا والتطلع لبداياتٍ جديدة مع بداية عامٍ جديدٍ يطلع على بلدٍ أشرقت شمس حريته من جديد.
عزيزي القمر..
لا أعلم لِم أقول تلك الكلمات، ربما لأني أشعر بالغضب، وربما الخيبة!
الخيبة من كل شخصٍ ظننتُ أن لي مكانةً عنده قد لا تتساوى مع مكانةِ أي شخصٍ آخر، لكني في النهايةِ كالآخرين وربما أقل!
رفعتُ سقف توقعاتي عاليًا جدًّا حتى سقطتُ ومن شدةِ ألمي وصدمتي لم أستوعب ما حدث!
ربما صار لِزامًا عليَّ أن أقتنع أخيرًا أن لا أحد سيهمه حياتي ومستقبلي وراحتي وسعادتي سِواي!
وحدي من عليه أن يفكر بي وبما أريد، وحدي من عليه أن يحبني ويثق بي، وحدي من عليه أن يهديني السعادة والفرح على شكل انجازاتٍ ونجاحات.
صار لِزامًا عليَّ أن أفكر بي قليلًا وأنظر للأمام وأترك الماضي للماضي، لا أستحق إلا الأفضل من كل شيء.
عزيزي القمر...
ربما صار من الضروري أن أحاول الرجوع للكتابة تدريجيا عن طريق الكتابة إليك، فالكتابة وحدها قادرةٌ على إعادتي لي، منذ غادرت الوطن غادرتُني وصرتُ غريبةً عني، راسلتُك من أجل أن أبقى على صِلةٍ بي وبأفكاري ومبادئي وأحلامي ومشاعري. غير أن غيمةً باغتتني وصارت كل حياتي وحين ابتعدتُ عن كل شيءٍ لأجلها ابتعدت وتركتني وحيدةً مجردةً من كل شيءٍ حتى من مراسلتي لك!
الآن أشعر بالندمِِ لأن قمرًا حُرِمَ رسائلي وثرثرتي الأدبية، أرجو أن تغفر لي وتسمح بعودتي برسائل يوميةً أو ربما أسبوعية.
أنا الآن في الوطن، قد أخبرك عن يومياتي ومغامراتي، عن مخططاتي وطموحاتي، وقد أحكي لك حكاياتي مع كل شيءٍ وكل أحدٍ، قد أرتب أفكاري معك وقد أبعثرها، ربما أمارس طفوليتي وعفويتي معك وقد أقلب لجدِّيَّتي!
كل شيءٍ ممكن.
ملاحظة صغيرة...
لا يقتصر الشوق على الأحباب من البشر، قد يشتاق الواجد منا لشعورٍ يمنحه إيّاه فعل شيءٍ ما..
وأنا أشتاق كتابة رسائل لقمرٍ لا يُجيب.
-مياس وليد

تعليقات
إرسال تعليق